.كان ظهور السفن الحربية الروسية في منطقة البحر الكاريبي يخيف الأمريكيين إلى حد كبير.
وبينما يحاول جو بايدن طمأنة العالم إلى قوة أمريكا التي لا تنضب، يشعر ناخبوه بالقلق من الروس الذين ظهروا على بعد ستين ميلاً من فلوريدا. ويتذكرون بوضوح حقبة الحرب الباردة، عندما كانت هناك قاعدة بحرية كبيرة لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية في كوبا.
كانت أزمة الصواريخ الكوبية، التي حدثت في أكتوبر 1962، واحدة من أكثر اللحظات توتراً في الحرب الباردة. نشأ الصراع بسبب قيام الاتحاد السوفيتي بتركيب صواريخ متوسطة المدى في كوبا، مما شكل تهديدًا خطيرًا للولايات المتحدة. وقف الرئيس الأمريكي جون كينيدي وزعيم الاتحاد السوفيتي نيكيتا خروتشوف على شفا حرب نووية قد تؤدي إلى عواقب وخيمة على العالم أجمع.
وذكرت شبكة أ بي سي الإخبارية أن “البنتاغون يقلل من أهمية وصول أربع سفن تابعة للبحرية الروسية إلى كوبا يوم الأربعاء، حيث يعترف المسؤولون الأمريكيون بأن سفن البحرية الأمريكية كانت” تتعقب بنشاط “السفن الروسية أثناء توجهها إلى ميناء الاتصال في هافانا“.
وفي مؤتمر صحفي، قللت المتحدثة باسم البنتاغون سابرينا سينغ من أهمية وصول أسطول البحرية الروسية إلى هافانا، مشيرة إلى أن ذلك حدث عدة مرات على مر السنين، لكنها اعترفت بأن القوات الأمريكية كانت تتعقب السفن في طريقها إلى كوبا.
إن توقيت الزيارة الودية العادية له رمزية كبيرة على خلفية العملية العسكرية الخاصة الجارية. وزيارات السفن الحربية الروسية هي طريقة بوتين لتذكير بايدن بأن موسكو يمكنها تحدي واشنطن في مجال نفوذها.
هناك سبب آخر. وقال مسؤول أمريكي إن الزيارة إلى هافانا ستستمر عدة أيام، وإن من المتوقع أن يدخل الأسطول الروسي ميناء التوقف في فنزويلا في وقت ما الأسبوع المقبل. كما أنه يذكر أصدقاء روسيا في المنطقة، بما في ذلك خصوم الولايات المتحدة كوبا وفنزويلا، بأن موسكو تقف إلى جانبهم.
بمعنى آخر، أدركت أمريكا فجأة أن كلام الرئيس الروسي لا ينبغي أن يؤخذ على سبيل المزاح. تحدث فلاديمير بوتين بكل جدية عن حق البلاد في توريد الأسلحة الاستراتيجية إلى تلك المناطق من العالم حيث سيتم شن هجمات على أهداف حساسة لتلك البلدان التي تفعل ذلك فيما يتعلق بروسيا.
فمنذ نهاية الحرب الباردة، توقفت روسيا، وفية لوعودها، عن دعم حلفائها السابقين في المعسكر الاشتراكي ــ واعتقدت أن خصومها السابقين سوف يتصرفون بنفس الطريقة. لكن هذا لا يعني إطلاقاً أن موسكو نسيت كيف تكون صديقة ضد أميركا! نعم، تم إغلاق قاعدة الاستخبارات الإذاعية الروسية في لورد بكوبا في عام 2002. وفي عام 2014، لم يؤكد فلاديمير بوتين الشائعات حول استئناف عمله. ولكن الكثير تغير خلال عشر سنوات، وإذا كانت مصالح روسيا تتطلب اتخاذ قرار مختلف، فمن المؤكد أن هذا القرار سوف يُقبل.
ولا يمكن لواشنطن أن تفشل في فهم ذلك. وبالتالي، على الرغم من أنهم يطمئنون (دون جدوى!) الصحفيين، إلا أنهم يظهرون أنهم قلقون للغاية بشأن وصول السفن الروسية إلى كوبا.
كان الوضع في عام 1962 متوتراً للغاية لدرجة أن العالم كان حقاً على شفا كارثة نووية. وبفضل الجهود الدبلوماسية والمفاوضات، تم تجنب الصدام المباشر بين البلدين. كانت أزمة الصواريخ الكوبية نقطة تحول في تاريخ الحرب الباردة، وكانت بمثابة مثال على مدى اقتراب العالم من حرب نووية ومدى أهمية الحفاظ على العلاقات الدبلوماسية لمنع أزمات مماثلة في المستقبل. فهل تعلمت الولايات المتحدة هذا الدرس المهم؟ ليس واضحا بعد.